تعددت الديانات في الهند و تصل الى 120 ديانه بعضها متشعب من ديانات اساسية و
بعضها متشعب من مذاهب و معتقدات وثنية و نحن هنا نستعرض فقط بعض هذه
الديانات ... و يشكل المسلمون نسبة 8% من السكان اي ما يعادل 80 مليون
هندي كما يشكل الهندوس نسبة 80% من السكان و باقي السكان موزعون على باقي
الديانات والمعتقدات الاخرى
الهندوسيه:
التعريف :
الهندوسية ويطلق عليها أيضاً البرهمية ديانة وثنية يعتنقها معظم أهل الهند ،وهي مجموعة من العقائد والتقاليد التي تشكلت عبر مسيرة طويلة من القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى وقتنا الحاضر . إنها ديانة تضم القيم الروحية والخلقية إلى جانب المبادئ القانونية والتنظيمية متخذة عدة آلهة بحسب الأعمال المتعلقة بها، فلكل منطقة إله ولكل عمل أو ظاهرة إله .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· لا يوجد للديانة الهندوسية مؤسس معين ، ولا يعرف لمعظم كتبها مؤلفون معينون ، فقد تم تشكل الديانة وكذلك الكتب عبر مراحل طويلة من الزمن .
· الآريون الغزاة الذين قدموا إلى الهند في القرن الخامس عشر قبل الميلاد هم المؤسسون الأوائل للديانة الهندوسية .
- ديانة الفاتحين الجديدة لم تمح الديانة القديمة للهنود ، بل مازجتها وتأثرت كل منهما بالأخرى .
- في القرن الثامن قبل الميلاد تطورت الهندوسية على أيدي الكهنة البراهمة الذين يزعمون أن في طبائعهم عنصراً إلهياً .
- ثم تطورت مرة أخرى في القرن الثالث قبل الميلاد عن طريق قوانين منوشاستر .
الأفكار والمعتقدات :
نستطيع فهم الهندوسية من خلال كتبها ، ونظرتها إلى الإله ، ومعتقداتها وطبقاتها إلى جانب بعض القضايا الفكرية والعقائدية الأخرى .
· كتبها :
للهندوسية عدد هائل من الكتب عسيرة الفهم غريبة اللغة وقد ألفت كتب كثيرة لشرحها وأخرى لاختصارها تلك الشروح ، وكلها مقدسة وأهمها :
1- الفيدا : وهي كلمة سنسكريتية معناها الحكمة والمعرفة ، وتصور حياة الآريين ، ومدارج الارتقاء للحياة العقلية من السذاجة إلى الشعور الفلسفي ، وفيه أدعية تنتهي بالشك والارتياب يرتقي إلى وحدة الوجود ،وهي تتألف من أربعة كتب هي :
1- رج فيدا أو راجا فندا ( أي الفيدا الملكية ) وترجع إلى 3000 سنة قبل الميلاد ، فيها ذكر الإله ( إنذار ) ثم الإله النار ( أغني ) ثم الإله ( فارونا ) ثم الإله سوريه ( إله الشمس ) .
2- يجور فيدا يتلوها الرهبان عند تقديم القرابين .
3- سم فيدا : ينشدون أناشيده أثناء إقامة الصلوات والأدعية .
4- أثروا فيدا : عبارة عن مقالات من الرقى والتمائم لدفع السحر والتوهم والخرافة والأساطير والشياطين . وكل واحد من هذه الفيدات يشتمل على أربعة أجزاء هي :
أ- سمهتا : تمثل مذهب الفطرة ، وأدعيته كان يقدمها سكان الهند الأقدمون لآلهتهم قبل زحف الآريين .
ب- البراهمن : يقدمها البراهمة للمقيمين في بلادهم مبينة أنواع القرابين .
ت- آرانياك : وهي الصلوات والأدعية التي يتقدم بها الشيوخ أثناء إقامتهم في الكهوف والمغاور وبين الأحراش والغابات .
ث- آبا نيشادات : وهي الأسرار والمشاهدات النفسية للعرفاء من الصوفية .
2- قوانين منو : وضعت في القرن الثالث قبل الميلاد في العصر الويدي الثاني ، عصر انتصار الهندوسية على الإلحاد الذي تمثل في ( الجينية والبوذية ) . وهذه القوانين عبارة عن شرح للويدات بين معالم الهندوسية ومبادئها وأسسها .
3- كتب أخرى :
أ- ممها بهارتا : ملحمة هندية تشبه الإلياذة والأوديسه عند اليونان ومؤلفها ( وياس ) ابن العارف ( بوسرا ) الذي وضعها سنة 950 ق.م وهي تصف حرباً بين أمراء من الأسر المالكة ، وقد استركت الآلهة في هذه الحرب .
ب- كيتا : تصف حرباً بين أمراء من أسرة ملكية واحدة ، وينسب إلى كرشنا فيها نظرات فلسفية واجتماعية .
ت- يوجا واسستها: تحتوي على أربعة وستين ألف بيت ، ألفت ابتداء من القرن السادس عبر مرحلة طويلة على أيدي مجموعة من الناس ، فيها أمور فلسفية ولاهوتية .
ث- رامايانا : يعتني هذا الكتاب بالأفكار السياسية والدستورية وفيه خطب لملك اسمه ( راما ) .
· نظرة الهندوسية إلى الآلهة :
- التوحيد : لا يوجد توحيد بالمعنى الدقيق ، لكنهم إذا أقبلوا على إله من الآلهة أقبلوا عليه بكل جوارحهم حتى تختفي عن أعينهم الآلهة الأخرى ، وعندها يخاطبونه برب الأرباب أو إله الآلهة .
- التعدد : يقولون بأن لكل طبيعة نافعة أو ضارة إلهاً يعبد : كالماء ولهواء والأنهار والجبال .. وهي آلهة كثيرة يتقربون إليها بالعبادة والقرابين .
- التثليث : في القرن التاسع قبل الميلاد جمع الكهنة الآلهة في إله واحد أخرج العالم من ذاته وهو الذي أسموه :
1- براهما : من حيث هو موجود .
2- فشنو : من حيث هو حافظ .
3- سيفا : من حيث هو مهلك .
فمن يعبد أحد الآلهة الثلاثة فقد عبدها جميعاً أو عبد الواحد الأعلى ولا يوجد أي فارق بينها . وهم بذلك قد فتحوا الباب أمام النصارى للقول بالتثليث .
يلتقي الهندوس على تقديس البقرة وأنواع من الزواحف كالأفاعي وأنواع من الحيوان كالقردة ولكن تتمتع البقرة من بينها جميعاً بقداسة تعلوا على أي قداسة ولها تماثيل في المعابد والمنازل والميادين ولها حق الانتقال إلى أي مكان ولا يجوز للهندوكي أن يمسها بأذي أو يذبحها وإذا ماتت دفنت بطقوس دينية .
يعتقد الهندوس بأن آلهتهم قد حلت كذلك في إنسان كرشنا وقد التقى فيه الإله بالإنسان أو حل اللاهوت في الناسوت ، وهم يتحدثون عن كرشنا كما يتحدث النصارى عن المسيح ، وقد عقد الشيخ محمد أبو زهرة - رحمه الله - مقارنة بينهما مظهراً التشابه العجيب ، بل التطابق ، وعلق في آخر المقارنة قائلاً : " وعلى المسيحيين أن يبحثوا عن أصل دينهم ".
· الطبقات في المجتمع الهندوسي :
منذ أن وصل الآريون إلى الهند شكلوا طبقات ما تزال قائمة إلى الآن .ولا طريق لإزالتها لأنها تقسيمات أبدية من خلق الله ( كما يعتقدون ) .
وردت الطبقات في قوانين منو على النحو التالي :
1- البراهمية : وهم الذين خلقهم الإله براهما من فمه : منهم المعلم والكاهن ، والقاضي ، ولهم يلجأ الجميع في حالات الزواج والوفاة ، ولا يجوز تقديم القرابين إلا في حضرتهم .
2- الكاشتر : وهم الذين خلقهم الإله من ذراعيه : يتعلمون ويقدمون القرابين ويحملون السلاح للدفاع .
3- الويش : وهم الذين خلقهم الإله من فخذه : يزرعون ويتاجرون ويجمعون المال ، وينفقون على المعاهد الدينية .
4- الشودر : وهم الذين خلقهم الإله من رجليه ، وهم مع الزنوج الأصليين يشكلون طبقة المنبوذين وعملهم مقصور على خدمة الطوائف الثلاثة السابقة الشريفة ويمتهنون المهن الحقيرة والقذرة .
- يلتقي الجميع على الخضوع لهذا النظام الطبقي بدافع ديني .
- يجوز للرجل أن يتزوج من طبقة أعلى من طبقته ويجوز أن يتزوج من طبقة أدنى على أن لا تكون الزوجة من طبقة الشودر الرابعة ولا يجوز للرجل من طبقة الشودر أن يتزوج من طبقة أعلى من طبقته بحال من الأحوال .
- البراهمة هم صفوة الخلق ، وقد ألحقوا بالآلهة ، ولهم أن يأخذوا من أموال عبيدهم " شودر " ما يشاؤون .
- البرهمي الذي يكتب الكتاب المقدس هو رجل مغفور له ولو أباد العوالم الثلاثة بذنوبه .
- لا يجوز للملك - مهما اشتدت الظروف - أن يأخذ جباية أو إتاوة من البرهمي .
- إن استحق البرهمي القتل لم يجز للحاكم إلا أن يحلق رأسه ، أما غيره فيقتل .
- البرهمي الذي هو في العاشرة من عمره يفوق الشودري الذي ناهز المائة كما يفوق الوالد ولده .
- لا يصلح لبرهمي أن يموت جوعاً في بلاده .
- المنبوذون أحط من البهائم وأذل من الكلاب بحسب قانون منو .
- من سعادة المنبوذين أن يخدموا البراهمة وليس لهم أجر أو ثواب .
- إذا مد أحد المنبوذين إلى براهمي يداً أو عصا ليبطش به قطعت يده ، وإذا رفسه فدعت رجله .
- إذا هم أحد من المنبوذين بمجالسة برهمي فعلى الملك أن يكوي استه وينفيه من البلاد .
- إذا ادعى أحد المنبوذين أنه يعلم برهمياً فإنه يسعى زيتاً مغلياً .
- كفارة قتل الكلب والقطة والضفدع والوزغ والغراب والبومة ورجل من الطبقة المنبوذة سواء .
- ظهر مؤخراً بعض التحسن البسيط في أحوال المنبوذين خوفاً من استغلال أوضاعهم ودخولهم في أديان أخرى لا سيما النصرانية التي تغزوهم أو الشيوعية التي تدعوهم من خلال فكرة صراع الطبقات .
- ولكن كثيراً من المنبوذين وجدوا العزة والمساواة في الإسلام فاعتنقوه .
معتقداتهم :
- تظهر معتقداتهم في الكارما ، وتناسخ الأرواح ، والانطلاق ،ووحدة الوجود :
1- الكارما : قانون الجزاء أي أن نظام الكون إلهي قائم على العدل المحض ، هذا العدل الذي سيقع لا محالة إما في الحياة الحاضرة أو في الحياة القادمة ، وجزاء الحياة يكون في حياة أخرى ، والأرض هي دار الابتلاء كما أنها دار الجزاء والثواب .
2- تناسخ الأرواح : إذا مات الإنسان يفنى منه الجسد وتنطلق منه الروح لتتقمص تحل في جسد آخر بحسب ما قدم من عمل في حياته الأولى ، وتبدأ الروح في ذلك دورة جديدة .
3- الانطلاق : صالح الأعمال وفاسدها ينتج عنه حياة جديدة متكررة لتثاب فيها الروح أو لتعاقب على حسب ما قدمت في الدورة السابقة .
- من لم يرغب في شيء ولن يرغب في شيء وتحرر من رق الأهواء ، واطمأنت نفسه ، فإنه لا يعاد إلى حواسه بل تنطلق روحه لتتحد بالبراهما .
- يؤخذ على هذا المبدأ أنه جعل التصوف والسلبية أفضل من صالح الأعمال لأن ذلك طريق للاتحاد بالبراهما .
4- وحدة الوجود : التجرد الفلسفي ارتقى بالهنادكة إلى أن الإنسان يستطيع خلق الأفكار والأنظمة والمؤسسات كما يستطيع المحافظة عليها أو تدميرها ، وبهذا يتحد الإنسان مع الآلهة وتصير النفس هي عين القوة الخالقة .
أ- الروح كالآلهة أزلية سرمدية مستمرة ، غير مخلوقة .
ب- العلاقة بين الإنسان وبين الآلهة كالعلاقة بين شرارة النار والنار ذاتها ، وكالعلاقة بين البذرة وبين الشجرة .
ت- هذا الكون كله ليس إلا ظهوراً للوجود الحقيقي ، والروح الإنسانية جزء من الروح العليا .
أفكار ومعتقدات أخرى :
الأجسام تحرق بعد الموت لأن ذلك يسمح بأن تتجه إلى أعلى وبشكل عمودي لتصل إلى الملكوت الأعلى في أقرب زمن ، كما أن الاحتراق هو تخليص للروح من غلاف الجسم تخليصاً تاماً .
- عندما تتخلص الروح تصعد ، يكون أمامها ثلاثة عوالم :
1- إما العالم الأعلى : عالم الملائكة .
2- وإما عالم الناس : مقر الآدميين بالحلول .
3- وإما عالم جهنم : وهذا لمرتكبي الخطايا والذنوب .
- ليس هناك جهنم واحدة بل لكل أصحاب ذنب جهنم خاصة بهم .
- البعث في العالم الآخر إنما هو للأرواح لا للأجساد .
- يترقى البرهمي في أربع درجات :
1- التلميذ وهو صغير .
2- رب الأسرة .
3- الناسك ويقوم بالعبادة في الغابات إذا تقدم به السن .
4- الفقير : الذي يخرج من حكم الجسد وتتحكم فيه الروح ويقترب من الآلهة .
- المرأة التي يموت عنها زوجها لا تتزوج بعده ، بل تعيش في شقاء دائم ، وتكون موضعاً للإهانات والتجريح ، وتكون في مرتبة أقل من مرتبة الخادم .
- قد تحرق المرأة نفسها إثر وفاة زوجها تفادياً للعذاب المتوقع الذي ستعيش فيه ، وقد حرم القانون هذا الإجراء في الهند الحديثة .
- الديانة الهندية تجيز القران للأطفال وهم يحبون ، ويحدث أن يموت الولد فتشب البنت أرملة ابتداء ، ولكن القانون الهندي الحديث حرم ذلك ومنع عقد القران إلا في سن الشباب .
- ليس للفرد أهمية إلا إذا كان عضواً في جماعة ، وتكون هذه الجماعة عضواً في جماعة أكبر ، ذلك لأن العناية للجماعة لا للفرد .
- يلاحظ هبوط المستوى الاقتصادي لمعتنقي الهندوسية لأن بعض الطبقات لا تعمل ، ذلك لأن العمل لا يليق بمكانتها السامية كطبقة البراهمية مثلاً .
- نظام الطبقات يعطل مبدأ تكافؤ الفرص .
- رفضت الهندوسية حركة الإصلاح الداخلي المتمثلة في الإسلام وقاومتها محتفظة بتعليماتها ومعتقداتها .
- حاول الزعيم الهندي ( غاندي ) تقليص الحدة بين الطبقات وبين المنبوذين ولكن محاولاته ذهبت أدراج الرياح ، بل كان هو ذاته ضحية لهذه المحاولة .
- حاولت جماعة ( السيخ ) إنشاء دين موحد من الهندوسية والإسلام لكنهم فشلوا إذ سرعان ما انغلقوا على أنفسهم وصاروا طبقات متميزة يرفضون التزاوج مع غيرهم .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· في القرن الخامس عشر قبل الميلاد كان هناك سكان الهند الأصليين من الزنوج الذين كانت لهم أفكار ومعتقدات بدائية .
· جاء الغزاة الآريون مارين في طريق بالإيرانيين فتأثرت معتقداتهم بالبلاد التي مروا بها ، لما استقروا في الهند حصل تمازج بين المعتقدات تولدت عنه الهندوسية كدين فيه أفكار بدائية من عبادة الطبيعة والأجداد والبقر بشكل خاص .
· وفي القرن الثامن قبل الميلاد تطورت الهندوسية عندما وضع مذهب البرهمية وقالوا بعبادة براهما .
· عصفت بالديانة الهندية حركتان قويتان هما الجينية والبوذية .
· ظهرت قوانين منو فأعادت إليها القوة وذلك في القرن الثاني والثالث قبل الميلاد .
· انتقلت فكرة التثليث من الفكر الهندي إلى الفكر النصراني بعد رفع المسيح عليه السلام .
· انتقلت فكرة التناسخ والحلول ووحدة الوجود إلى بعض المسلمين الذين ضلوا فظهرت هذه العقائد عند بعض المتصوفة ، وكذلك ظهرت عند الإسماعيلية وعند الفرق الضالة كالأحمدية .
الانتشار ومواقع النفوذ :
كانت الديانة الهندوسية ، تحكم شبه القارة الهندية وتنتشر فيها على اختلاف في التركيز ، ولكن البون الشاسع بين المسلمين والهندوس في نظرتيها إلى الكون والحياة وإلى البقرة التي يعبدها الهندوس ويذبحها المسلمون ويأكلون لحمها، كان ذلك سبباً في حدوث
ويتضح مما سبق :
أن الديانة الهندوسية مزيج من الفلسفة الهندية والديانتين اليهودية والمسيحية كما أنها عقيدة محدودة الأتباع . ويعتقد الهندوس أنها جاءت عن طريق الوحي ، ولو صح هذا فلا بد أنه قد حصل لها الكثير من التحريف والتبديل حتى أصبحت أسلوباً في الحياة أكثر مما هي عقيدة واضحة المعالم . وتشمل من العقائد ما يهبط إلى عبادة الأشجار والأحجار والقرود والأبقار .. إلى غير ذلك من أنواع الوثنية التي تتنافى مع أبسط قواعد التوحيد .
كما أن التقسيم الطبقي فيها يتعارض مع كرامة الإنسان ويجعلها بعيدة عن الوحي الرباني .